دأبت هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية منذ انشائها على تمتين الجبهة الداخلية في المجتمع الفلسطيني من خلال نشر وتعزيز ثقافة مناهضة للفساد في مجتمع يرنو إلى تحقيق أمانيه وطموحاته في الحرية والاستقلال والتخلص من نير احتلال احلالي امتدت مصائبه على مساحة عشرات السنوات. وفي الوقت ذاته، وبتوجيهات من قيادتها، استجمعت الهيئة كل عناصر قوتها واستودعتها في خطط عملها الرامية الى إعلاء اسم فلسطين في المحافل والمؤسسات الدولية وذلك ايماناً منها واصراراً بأهمية وسم الخارطة الدولية بالحق الفلسطيني. وعليه، وانطلاقا من مفهوم الإنجاز ومشاركته أيضا، فقد نشطت الهيئة على المشاركة في الكثير من المؤتمرات والورش الدولية وعلى الانضمام للعديد من المنظمات والشبكات الدولية الفاعلة والمؤثرة في الساحة الدولية وذلك للمساهمة في والاستفادة من تجارب الدول في مكافحة الفساد وللاطلاع الواعي على الممارسات الدولية الفضلى في تعزيز مفاهيم الشفافية وتدابير النزاهة وترسيخ قواعد الحكم الرشيد.
سعت دولة فلسطين للانضمام للعديد من الاتفاقيات الدولية بعد الحصول على اعتراف دولي بعضويتها في الامم المتحدة وانضمت للاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد في العام 2014 وانطلقت هيئة مكافحة الفساد بعدها لتعزيز موقعها دوليا من خلال الانضمام للشبكات الدولية المناهضة للفساد، ولعل من أبرز الشبكات التي انضمت اليها الهيئة ممثلة عن فلسطين هي شبكة سلطات الوقاية من الفساد الدولية والتي تم إنشاؤها من قبل مجلس أوروبا في أكتوبر 2018، في إطار تعزيز تدابير الوقاية وتبادل المعلومات وأفضل الممارسات بشكل منتظم بين هيئات مكافحة الفساد والوقاية منه، وتعزيز المعايير الدولية الموجودة. وفور انضمامها في نهاية عام 2019 حرصت الهيئة على المشاركة الفعّالة لإثراء المبادرات التي يقدمها اعضاء الشبكة مثل مبادرة هيئة مكافحة الفساد الإيطالية والتي كانت حول "استخدام التكنولوجيا في مكافحة الفساد والوقاية منه"، حيث اضافت الهيئة فصلا يتحدث عن التجربة الفلسطينية الناجحة في تطويع التكنولوجيا، وتحديداً استخدام تطبيق الهواتف الذكية في استقبال الشكاوى الأمر الذي يساهم بتعزيز ثقافة الإبلاغ عن شبهات الفساد بطريقة سهلة وسريعة، بالإضافة إلى تمكين الهيئة من القدرة على حماية المعلومات والحفاظ على سرية المشتكين والمشتكى عليهم، والاستمرار في القيام بالعمل حتى في ظل جائحة كورونا. كما في مبادرة رومانية بعنوان " التحديات والممارسات الفضلى في عملية الرقابة على تنفيذ استراتيجيات مكافحة الفساد الوطنية"، وكذلك في مبادرة الإكوادور بعنوان "تبادل المعلومات حول تفويض الأعضاء بخصوص الوقاية من الفساد".
وتأكيداً على المساهمة الفاعلة للهيئة حيث قامت في شهر سبتمبر 2020 بإطلاق مبادرتها حول "دور الإعلام في جهود الوقاية من الفساد ورصده". ركزت المبادرة على مشاركة وتبادل الخبرات والتعلم من تجارب وتطلعات أعضاء الشبكة فيما يتعلق بموضوع الإعلام والوقاية وشارك في المبادرة كلا من تونس والأردن والمغرب وتشيلي وصربيا.
ولم ينتهي الدور الفلسطيني عند حد المساهمة كعضو في الشبكة بل عملت لأن تشارك في قيادة جهود الشبكة وتكللت مساعيها بالنجاح حيث تم انتخاب هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية نائباً لرئيس شبكة سلطات الوقاية من الفساد الدولية في نهاية عام 2020 وتم انتخابها نائباً مرة ثانية في بداية عام 2022. ولقد تبنت الشبكة خطة طموحة لتبادل الخبرات الدولية من أبرزها تشجيع البعثات الميدانية المشتركة في المجالات ذات الاهتمام المشترك حيث أبدت الدول الأعضاء استعدادها لتقديم خبرة في مجال معين أو طلب خبرة في مجالات أخرى. وفي هذا المضمار فقد قامت هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية بإبداء رغبتها في تلقي الخبرات في مجالات الضغط وجماعات الضغط، والتدقيق ومراجعة الحسابات، وفي مجالات الرقابة الداخلية. بالمقابل فقد راكمت الهيئة عبر سنين عملها خبرة تراكمية في مجال صياغة الخطط الاستراتيجية الوطنية وأبلغت أعضاء الشبكة عن استعدادها الكامل للمساهمة الجدية في هذا المجال في المكان والزمان التي تحدده الدول الأعضاء التي بحاجة إلى التدريب في هذا المجال.
كما انضمت هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية إلى الشبكة التشغيلية العالمية لسلطات إنفاذ قوانين مكافحة الفساد (GlobE) بهدف المشاركة في إنشاء وتعزيز الاتصال المباشر بين سلطات إنفاذ قوانين مكافحة الفساد، وتمكين طائفة أوسع من البلدان بالمشاركة في التعاون الدولي غير الرسمي، واستكمال المناهج القائمة الأخرى لهذا التعاون. وقد انضمت هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية إلى هذه الشبكة مباشرة فور تأسيسها وقام وفد من الهيئة بالمشاركة وجاهيا في اجتماعها الأول السنوي في فيينا في الفترة من 15- 17 نوفمبر2021. وتتولى المملكة العربية السعودية توفير التمويل الأساسي مما يكفل التشغيل المستدام للسنوات الخمس الأولى على أن يكون مقرها في فيينا.
كما تفخر الهيئة بانتخابها بتاريخ 23/3/2022 لمنصب رئيس الدورة الخامسة المقبلة لمؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، وذلك خلال فعاليات مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد/ الدورة الرابعة الذي عقد في المملكة العربية السعودية. وهدف مؤتمر الدول الأطراف إلى تعزيز جهود الدول العربية في تجفيف منابع الفساد، من خلال تبادل الخبرات والتجارب في تعزيز التدابير الوقائية للحد من الفساد، ويشمل ذلك تجريم رشوة الموظفين العموميين الأجانب، وتقرير المسؤولية على الشخص الاعتيادي، وإلى ضرورة تعزيز التعاون الإقليمي في التحقيقات في قضايا الفساد العابرة للحدود وملاحقة مرتكبيها، بما في ذلك القضايا التي يتطلب فيها استرداد عائدات الجريمة.
إن استئصال آفة الفساد إنما يرتكز على الجهود المبذولة محليا ودوليا، وتعتبر هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية جزءً أصيلاً من هذه الجهود لما تتمتع به من خبرة متراكمة في هذا المجال مستنيرة برؤية تحدد بدقة معالم الطريق ومدعومة بكادر مؤهل قادر على تحقيق التغيير المنشود وفق توجيهات قيادة تؤمن بحتمية التعافي من كل ما يعيق عملية النهوض بمؤسسات الدولة.