تجسيدا لعلاقة التعاون المشتركة وتكامل الادوار بين ديوان الرقابة المالية والادارية وهيئة مكافحة الفساد عقد اليوم الإثنين 9 كانون أول 2024، وبمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد مؤتمراً بعنوان "تكاملية الأدوار في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته"، وذلك بحضور ومشاركة دولة رئيس الوزراء الفلسطيني د. محمد مصطفى، ورئيس هيئة مكافحة الفساد معالي د. رائد رضوان، ورئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية أ. امل فرج، وممثلين عن المؤسسات الرسمية الفلسطينية، وخبراء ومختصين، وممثلي الهيئات المحلية.
وقال دولة رئيس الوزراء الفلسطيني د. محمد مصطفى في كلمة ألقاها نيابة عن فخامة رئيس دولة فلسطين السيد محمود عباس أبو مازن بافتتاح المؤتمر أن مواجهة الفساد أو العمل على الوقاية منه ليس مجرد هدف مستقل بذاته، بل هو جزء لا يتجزأ من مسيرتنا الوطنية لبناء الدولة، ولا يعني الاستقلال إنهاء الاحتلال فقط، بل يتطلب بناء دولة فلسطينية قويّة تستند إلى قيم العدالة، والنزاهة، والشفافية، وتعتمد على سيادة القانون، وتكفل حقوق مواطنيها، وتؤمّن لهم الخدمات الأساسية بمستوى يليق بتضحياتهم.
وشدد على أن الإصلاح ليس مجرد خيار؛ بل هو أولوية ملحة وواجب وطني، يتطلب تكاتف جهود الجميع، فدولتنا التي نناضل من أجل إنهاء احتلالها تحتاج إلى مؤسسات قوية وشفافة، تعمل بكفاءة وتتحلى بالمساءلة.
وقال رئيس الوزراء: "نلتقي اليوم في ظل ظروف استثنائية تواجه قضيتنا الوطنية وشعبنا الصامد في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، حيث نجابه عدوان الاحتلال بأشكاله كافة، من حرب الإبادة في قطاع غزة، إلى العدوان والقتل والتدمير، واستهداف الأرض وأصحاب الأرض في الضفة بما فيها القدس. هذا الاحتلال الذي لا يستهدف أرضنا وشعبنا فقط، بل يسعى أيضًا إلى تقويض مؤسساتنا وتدمير أحلامنا في بناء دولتنا المستقلة. إلّا أننا، كما أثبتنا عبر تاريخنا، أننا شعب لا يلين، ولن تنكسر إرادته."
وأضاف: "لا يمكن أن تكون هناك دولة قوية إذا كانت مؤسساتها ضعيفة، غير كفؤة، أو تفتقر إلى الشفافية أو المساءلة، وهذا هو التزام حكومتكم التاسعة عشرة، التي وضعت بناءً على كتاب تكليفها من سيادة الرئيس محمود عباس، الإصلاح وتعزيز الحوكمة، على رأس أولوياتنا الوطنية منذ اليوم الأول لتوليها مسؤولياتها. وتعمل وفق رؤية شاملة، تستند إلى خطة واضحة، لم تُبنَ من فراغ، بل بوعيٍ تام بحجم التحديات وتعقيدات الوضع السياسي والمالي والاقتصادي، وتشمل البناء على الإنجازات التي تحققت، ومعالجة الثغرات والأخطاء بحزم أينما وُجدت".
وتابع رئيس الوزراء: "إن الإصلاح ليس شعارا نرفعه، بل هو نهج عملي نعمل به في كل يوم، على أسس ومتطلبات وطنية، يهدف إلى خلق مؤسسات تعمل بكفاءة ومصداقية، تخدم المواطن وتلبي احتياجاته، وتعزز ثقته بنظامه السياسي".
من جانبه قال د. رائد رضوان إن تكاملية الأدوار بين مختلف مؤسسات المجتمع الفلسطيني شرط أساسي في إنجاح الجهود كافة، مؤكداً أن الدور التكاملي بين هيئة مكافحة الفساد وديوان الرقابة المالية والإدارية نابع من الايمان المشترك بأهمية ذلك كجزء من الشراكة الوطنية بين مختلف المؤسسات، وهو ما تم ابرازه من خلال أوراق العمل المقدمة في هذا المؤتمر من مختلف الجهات الشريكة، حيث ركزت الأوراق على تشخيص الواقع، واقترحت آليات لتفعيل الرقابة والوقاية من الفساد كل في مجاله ِبما يَضمَن ضبط مختلف العمليات والإجراءات وفق مبادئ الحوكمة وإدارة التغيير التي تتضمن منهجيات عمل تحقق عدداً من الأهداف المرغوبةِ في إطارِ رؤية وطنية مشتركة بين مختلَف القطاعاتِ في مُستوياتِها الإداريةِ المختلفةِ.
وأوضح بأن هذه الأهداف تبدأ بالتشخيصِ المشترك للمشكلات التي تواجهها إدارة العمليات المختلِفة داخل المؤسسات العامة والتي ترسم نتائجها مسار التغيير والتطوير نحو الأفضلِ، وذلك من خِلالِ تحقيق الفهم المشترك لطبيعةِ الأهدافِ، بما يضمنُ زيادةَ حيويةِ هذهِ المؤسساتِ من خلالِ كفاءةِ الأداءِ وفاعليّة النتائجِ، وفقاً للمؤشراتِ القابلةِ للقياسِ، ولمنهجيةِ المتابعةِ والتقييمِ الوطنيةِ، والتي تشارك فيها مؤسسات المجتمع والدولة كافة.
وفي ذات السياق، أشار د. رضوان أن الهيئة أطلقت الخطةَ الاستراتيجيةَ الوطنيةَ للحوكمةِ ومكافحةِ الفسادِ في بدايةِ أيلول من هذا العام تحت رعاية من سيادة الرئيس، وقد اعتمدتها الحكومة الفلسطينية لتشكل الأساس في الشراكة بين مختلف القطاعات وفقاً للخطة التنفيذية التي شارك فيها ممثلونَ عن القطاع العام والخاص والمجتمع المدني.
وأوضح أن الظروف الاستثنائية التي نعيشها اليوم هي نتيجة حتمية لصراع بين الإرادة الوطنية الفلسطينية التي تعمل على بناء مؤسسات الدولة وتحصينها وزيادة فاعليتها بما يحقق تقديم أفضل الخدمات للمواطن، وبينَ مخططات يرسمها الاحتلال الذي يحاول دائماً إعاقة جهود التنمية، واستهداف مؤسسات المجتمع الفلسطينيّ كافةً، مبيناً أن من بين نتائج هذا الاستهداف الممنهج ما آلتْ إليه ظروف العمل من تعقيدات ومصاعب تمثلت بعدمِ استطاعةِ الجزءِ الأكبرِ من الموظفين من الوصولِ إلى أماكن عملهم في ظل حصار مطبِق يقطع أواصر المحافظات، مما جعلنا أكثرَ إصراراً على أداء رسالتِنا ومواصلة القيام بواجباتنا رغماً عن هذهِ الظروفِ القاسية.
وتقدم د. رضوان بالشكر الجزيل لسيادة الرئيس محمود عباس على رعايته الكريمة لهذا المؤتمر، وما قدمه ويقدمه من دعم واسناد لعمل الهيئة وديوان الرقابة المالية والإدارية، كما تقدم بالشكر لرئيس الوزراء وكافة الوزراء ورؤساء الدوائر الحكومية ومجلس القضاء الأعلى والنيابة العامة، وكل من ساعم في إنجاح هذا المؤتمر.
بدورها أوضحت أ. امل فرج في كلمتها الافتتاحية لأعمال المؤتمر بعد الترحيب بالحضور وشكرهم على تلبيتهم للدعوة ان شعبنا ِالفلسطينيِ مصمم على انتزاعِ حقهِ في إقامةِ دولتهِ المستقلةِ على ترابِهِ الوطني، وفي ظلِ ما يعانيهِ قطاعُ غزةَ الحبيبُ من قتلٍ وتدميرٍ وتهجيرٍ جراءَ العدوانِ الآثمِ عليه، سعتْ دولةُ فلسطين بكلِ مكوناتها الرسميةِ والأهليةِ الى تعزيزِ بناءِ دولةِ المؤسساتِ والقانون.
كما انَ الجهودَ التي قادها سيادةُ الرئيسِ حفظهُ اللهُ خلالَ ولايتهِ الدستوريةِ في بناءِ وتنظيمِ مؤسساتِ الدولة، أكدتْ عليها وتابعتْ تنفيذَها الحكوماتُ الفلسطينيةُ المتعاقبةُ، ومنها الحكومةُ الفلسطينيةُ الحاليةُ التي جعلتْ منْ مواصلةِ عمليةِ الإصلاحِ في جميعِ المجالاتِ المؤسساتيةِ والأمنيةِ والاقتصاديةِ والإداريةِ والماليةِ والنهوضِ بعمليةِ بناءِ الدولةِ هدفاً أساسياً من أهدافِ الحكومة. لقدْ عملَ ديوانَ الرقابةِ الماليةِ والإداريةِ خلالَ العام الماضي على تقديمِ كلِ الدعمِ للحكومةِ في الخطواتِ التي اتخذتْها تنفيذاً لخطةِ الإصلاحِ الحكوميةِ عبرَ المشاركةِ في اللجانِ الرسميةِ التي تمَ تشكيلَها. وأشارت السيدة فرج الى الدور الهام الذي تقوم به المنظمةُ الدوليةُ للأجهزةِ الرقابيةِ العليا في تجسيد التعاونِ بينَ الأجهزةِ العليا للرقابةِ الماليةِ والمحاسبةِ وهيئاتِ مكافحةِ الفسادِ وبناءِ جسورِ الثقةِ المتبادلةِ بين المواطنِ ومؤسساتِ الدولةِ المختلفة.
هذا وتعتمدُ قدرةُ الديوانِ على إحداثِ الفارقِ في حياةِ المواطنينَ على مقدرتهِ في تمكينِ القائمينَ على إدارةِ القطاعِ العامِ للاضطلاعِ بمسؤولياتهم من خلالِ الاستجابةِ لنتائجِ الرقابةِ والتوصياتِ واتخاذِ الإجراءاتِ التصحيحيةِ المناسبة، والاعلانِ عن نتائجِ الرقابةِ والتي تمكِّنُ الجمهورَ من مساءلةِ هيئاتِ القطاعِ الحكومي والقطاعِ العام، وضمانِ حُسنِ التعاملِ مع البيئاتِ المتغيرةِ والمخاطرِ الناشئةِ والتواصلِ الفعالِ مَع أصحابِ المصلحة.
وأننا نسعى من خلالِ هذا المؤتمرِ إلى نشرِ الوعيِ حولَ دورِ وعملِ ديوانِ الرقابةِ المالية ِوالاداريةِ وهيئةِ مكافحةِ الفسادِ، وتسليطِ الضوءِ على العلاقةِ التكامليةِ مع منظومةِ الجهاتِ الرقابيةِ الأخرى، في سبيلِ بناءِ نظامِ نزاهةٍ وطنيٍ فلسطيني، يحافظُ على المالِ العامِ ويحميهِ، ويحققُ الانضباطَ الماليَ والإداريَ في الأداءِ الحكومي، ويعززُ من بناءِ مؤسساتٍ فلسطينيةٍ تخلو من كافةِ مظاهرِ وأشكالِ الفسادِ وسوءِ الإدارة.
وفي ختام كلمتها قالت الأستاذة فرج ان التحدياتِ المتزايدةِ التي تواجهنا خلالَ السنواتِ الماضيةِ جعلتْ من عملِ المؤسساتِ الرقابيةِ محطَّ اهتمامِ المجتمعِ بكافةِ أركانه، وعليهِ فإننا مطالبونَ اليومَ بتنميةِ وتطويرِ آفاقِ التعاونِ على كافةِ الأصعدةِ والمستويات، للاستفادةِ من التجاربِ والخبراتِ الثرية، والعملِ على تطويرِ التشريعاتِ ذاتِ العلاقةِ ودعمِ مؤسساتِ مكافحِة الفسادِ وتطويرِ قدُراتها، وتعزيزِ التعاونِ والتنسيقِ في مجالِ إنفاذِ القانونِ، إسهاماً في الرقيِ بنا جميعاً في أداءِ المهامِ الموكلةِ الينا بأعلى قدرٍ من الكفاءةِ والمهنيةِ والمصداقية.
وتضمن المؤتمر ثلاثة جلسات رئيسية، الأولى بعنوان "تكاملية العمل بين هيئة مكافحة الفساد وديوان الرقابة المالية والإدارية، الحوكمة، الوقاية، مكافحة الفساد"، وناقشت تكاملية العمل بين الهيئة والديوان على المستويين الاجرائي والتنفيذي، فيما حملت الجلسة الثانية عنوان "العلاقة التكاملية مع جهات إنفاذ القانون في مكافحة الفساد"، وناقشت العلاقة التكاملية مع جهات إنفاذ القانون في مكافحة الفساد، فيما ناقشت الجلسة الثالثة والتي حملت عنوان "دور الرقابة المجتمعية في مجال الوقاية من الفساد ومنعه" دور الرقابة المجتمعية في مجال الوقاية من الفساد ومنعه.