تبادل د. صبري صيدم وزير التربية والتعليم العالي والسيد رفيق النتشة رئيس هيئة مكافحة الفساد اليوم التكريم، كما وكرما مركز المناهج الفلسطينية، وطاقم المركز، على الجهود التي بذلت في مسيرة تعزيز منظومة النزاهة ومكافحة الفساد في المناهج الفلسطينية الجديدة، والتي قدمت المعرفة الكافية بهذه القضايا من خلال الدروس والأمثلة والنشاطات، الأمر الذي يُسجّل إنجازاً فلسطينياً على المستويين الدولي والعربي، ويشير إلى أنّ فلسطين تبني جيلاً واعياً ومتفاعلاً مع جهود رفع مستوى الوعي بأهمية تعزيز منظومة النزاهة ومكافحة الفساد.
وفي هذا السياق، أكد د. صيدم أنّ اهتمام وزارة التربية والتعليم العالي بتعزيز قيم النزاهة، يأتي انسجاماً مع رؤيتها وخططها الاستراتيجية، وجهودها المستمرة في تحسين جودة التعليم ومخرجاته، وإيماناً منها بأهمية دور المؤسسة التعليمية في التربية على المواطنة وحقوق الإنسان، وتحقيق التنمية المستدامة، وإكساب الطلبة المهارات الحياتية ومهارات التفكير، وبناء منظومة القيم المجتمعية التي أصبحت تواجه تحديات كبيرة في ظل الاهتمام المادي والتقني السريع في هذا العصر، وتفعيل المشاركة المجتمعية من خلال الانفتاح على المجتمع المحلي، وتحسس مشكلاته، والسعي المستمر لتطويره وفق الإمكانات المتاحة.
وقال: إنّ بعض الكتب المدرسية من الصفوف (الرابع وحتى الحادي عشر) تضمّنت مفاهيم النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد. وأشار صيدم إلى أن جهود مكافحة الفساد ليست حكراً على هيئة مكافحة الفساد وحدها، بل هي مسؤولية مجتمعية تُتيح للمؤسسات والأفراد المساهمة الإيجابية في هذه الجهود.
وأوضح صيدم أن بعض المقررات الدراسية الجديدة احتوت على دروس كاملة، وأنشطة تعلّمية، وأسئلة، وقضايا تفاعلية حول مفاهيم ذات علاقة بالشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد، والتعريف بأسباب الفساد وآثاره، وأشكاله، وبهيئة مكافحة الفساد كجهة مخولة قانوناً بتلقي الشكاوى والبلاغات، ومتابعة جرائم الفساد مع جهات الاختصاص بهدف الوصول إلى مجتمع فلسطيني خالٍ من الفساد.
من جهته، أعرب رفيق النتشة رئيس هيئة مكافحة الفساد عن شكره وتقديره لكل من أسهم في إنجاز المقررات الدراسية الجديدة على تضمين موضوع مكافحة الفساد، وتعزيز قيم النزاهة، ومنحه مساحة مرضية في المنهاج لما لهذا الموضوع من أهمية في تدعيم الرأي العام الفلسطيني ومساندته لجهود مكافحة الفساد التي تنشط يوماً بعد آخر وخصّ بالذكر طاقم مركز المناهج في وزارة التربية والتعليم العالي الذي عمل طول هذه المدة لإنجاز المنهاج الوطني.
وأشار النتشة إلى أن احتواء المقررات الدراسية على مواضيع مكافحة الفساد ومفاهيم النزاهة تعد خطوة مهمة على طريق تغيير الرأي العام بخصوص حجم الفساد في فلسطين، وتُعدّ التجربة الرائدة الأولى من نوعها ليس فقط على مستوى العالم العربي، بل على مستوى العالم أجمع. وتمنى النتشة أن يكون لهذه الخطوة نتائج على إيجاد جيل قادر على المساءلة المجتمعية، ويحمل قيم النزاهة والشفافية والمشاركة التي تؤدي إلى خفض نسبة الفساد في فلسطين بأشكاله المختلفة من أجل الوصول إلى مجتمع فلسطيني خالٍ من الفساد.
وأشار إلى أهمية الشراكة بين الهيئة والوزارة التي تسهم في غرس القيم الاجتماعية والدينية والوطنية النبيلة في نفوس الطلبة ومدرسيهم؛ من أجل ضمان مكافحة الفساد في المجتمع الفلسطيني. والتأكيد على حجم المسؤولية والأمانة الملقاة على عاتق وزارة التربية والتعليم العالي وهيئاتها، ودورها الفاعل تجاه تعزيز السلوك القويم داخل المدارس عبر المشاريع المتميزة التي تنفذها، والتي تؤسس لبناء قاعدة صلبة لمحاربة كافة أشكال الفساد بعيداً عن الشعارات والتنظير، مشيراً في الوقت ذاته إلى الجهود التي بذلتها الهيئة، والتي تشكل نموذجاً يحتذى به على المستويين الوطني والإقليمي، منوهاً إلى الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد والتي تبرهن على قناعة الهيئة، وإيمانها العميق بأهمية مكافحة الفساد واحترام القانون وهيبته.
وأوضح أن فلسطين تشهد ارتفاعاً غير واقعي بين أوساط المواطنين حول حجم الفساد، بالرغم من الجهود المبذولة بخصوص تطوير الأداء العام لدى المؤسسات الرسمية والمجتمعية، فمعايير التوظيف والشراء العام، وتقديم الخدمات العامة أصبحت تتسم بالمزيد من الشفافية والمصداقية، وانخفضت الشكاوى والبلاغات المرتبطة بها. كما أن الجهود التي تبذلها هيئة مكافحة الفساد ومعها نيابة مكافحة الفساد في ملاحقة الفساد والفاسدين ترقى إلى مستوى متقدم بفعل الخبرة الجيدة التي أصبحت لدى الكادر العامل على ذلك، لكن القانون الفلسطيني يمنع الهيئة من نشر معلومات أثناء تداول قضايا الفساد؛ لما لذلك من انعكاسات اجتماعية واقتصادية ونفسية على المتهمين.
ودعا النتشة إلى توخي الحذر الشديد عند بناء الانطباعات بخصوص انتشار الفساد أو عند بناء رأي حول جهود مكافحة الفساد. وضرورة توخي الدقة أيضاً في مناقشة شؤون مكافحة الفساد مع الطلبة من قبل المشرفين والمعلمين في فلسطين، كما دعا إلى التركيز على الدور الفاعل للطالب وولي الأمر في مساعدة هيئة مكافحة الفساد في بناء ثقافة رافضة ومناهضة للفساد من خلال تعزيز قيم النزاهة والشفافية والمساءلة والمشاركة المجتمعية الفاعلة.
يذكر أن هيئة مكافحة الفساد منذ نشأتها عام 2010م، قامت بتنفيذ العديد من النشاطات والبرامج واللقاءات والمسابقات مع وزارة التربية والتعليم العالي، حيث استهدفت الإداريين والمشرفين التربويين والمعلمين والطلبة، وأيضا إنتاج عدد من المنشورات والأدلة التدريبية وإنجازات فنية وإدبية للطلبة، والتي كان لها بالغ الأثر على وعيهم بالمواضيع المرتبطة بالنزاهة والشفافية ومكافحة الفساد. وقد وقعت الهيئة مؤخرا في مقر وزارة التربية والتعليم العالي مذكرات تعاون مع (12) جامعة وكلية جامعية لتدريس مساقين حول مكافحة الفساد، ليصبح عدد المؤسسات المنخرطة في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد (48) مؤسسة، إضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم لتنفيذ أنشطة تفاعلية في (200) مدرسة في المحافظات الشمالية والجنوبية خلال العام 2017/2018م، سيشارك بها حوالي (6000) طالب وطالبة من أجل رفع الوعي بأهمية تعزيز قيم النزاهة والشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد لدى طلبة المدارس.